بسم الله الرحمن الرحيم
الإعجاز التشريعي في تحريم الخمر
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم وبعد ..
فإن الله تعالى حرم الخمر بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة 90]
ولم ينزل التحريم هذا أول مرة بل سبقه تمهيدات قبله ومنها بيان أن أضراره أكثر من منافعه وحرم عليهم شربه في أوقات الصلوات أو قبلها حيث تدركهم وهم سكارى, وهذا التدريج لمشقة تركه على النفوس التي تعودت عليه.
فلماذا كان هذا التدرج في تحريم الخمر وهذا الاهتمام بتحريمه من قبل الشارع؟
أما التدرج فلمشقة تركه على النفوس دفعة واحدة. ولكن لماذا حرم الله الخمر؟ ولماذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة بالرغم من أن العرب كانت تمدحها وأنها .. وأنها .. بل وبعض الأطباء يذكر لها منافع في أنها تنفع في هضم الطعام وفي التدفئة وفي.. وفي.. الخ.
هذا عند الأطباء الأوائل وكذلك في العصر الحديث فبعض الأطباء نصح بشرب الخمر لبعض مرضى القلب وأنها تزيد في حرارة الجسم ونحن في هذا البحث الموجز نبين بعض ملامح الإعجاز التشريعي في تحريم الخمر وسنبين أثره على أجهزة الجسم المختلفة بغض النظر عن أضراره الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الكثيرة, فقد أثبت العلم تأثير الكحول على كافة أجهزة الجسم المختلفة كالجهاز العصبي والهضمي والتنفسي وتأثيره على القلب والدم والجلد وأجهزة البول والتناسل وتأثيره كذلك على الغدد والجراحة وغيرها الكثير.
وهاك بعضاً من أضراره ليتبين لك حكمة تحريمه من الله تعالى الحكيم الخبير.
أما بالنسبة للجهاز العصبي فالكحول يقتل الخلايا العصبية ويوجد في الإنسان ما يقرب من 20 ألف مليون خلية عصبية وأثبت الدكتور"مالفين كينسلي"- أستاذ التشريح بكلية الطب بكارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية- وزملاؤه بأن كأساً واحداً من الكحول تؤدي إلى موت بعض خلايا المخ ويزداد هذا الأثر الضار كلما زاد من شرب الكحول ويقول بأن الإصابة تظهر عندما يبدأ الشارب كأسه الأولى للمرة الأولى ثم يتزايد بقدر الشرب، ويظهر من ذلك حكمة كلام الذي لا ينطق عن الهوى, فعن جابر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"(1).
وعمل الكحول أنه يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية في المخ ومن ثم ينخفض تدفق الدم فيه عن الحد الضروري مما يؤدي إلى حرمان بعض خلايا المخ العصبية من الأوكسجين الذي يتيح لها أن تقوم بوظيفتها بشكل مناسب ويتبين من خلال تجارب العالم "التورا" وزوجته على الفئران أن الأوعية الدموية التي تغذي المخ تكون ذات حساسية عالية جداً بالنسبة للكحول بينما بقية الأوعية الدموية في بقية أعضاء الجسم تتأثر بشكل أقل.
وأما بالنسبة للسكتة الدماغية فإن تناول الخمور من أهم أسبابها وسبب ذلك أن للكحول دوراً في الإصابة بارتفاع ضغط الدم الذي يعتبر عاملاً من العوامل المؤدية للإصابة بالسكتة الدماغية.
كما أن له تأثيراً في خاصية التخثر في الدم عن طريق زيادة عدد الصفائح الدموية وسرعة التصاقها مما يؤدي إلى تكون الجلطة الدموية وتأثيره كذلك على عمل القلب باضطرابات نبضه ودوره في رفع نسبة دهنيات الدم كل ذلك عوامل مساعدة على السكتة الدماغية.
وأما المخيخ فهو المسؤول عن توزان الجسم ومن المعلوم أن شارب الخمر يفقد توزانه ويظهر الخلل على بعض أعضائه وسبب ذلك أن للخمر دوراً في ضمور خلايا المخ وتفيد الإحصاءات أن 27% من المدخنين مصابون بضمور خلايا المخيخ. كما يؤدي الخمر إلى التهاب أغلفة المخ الثلاثة وينتج عنه أمراض خطيرة إن لم يتسبب في الوفاة.
أما الجهاز الهضمي الممتد من الفم إلى فتحة الشرج مروراً بالبلعوم والمريء والمعدة والبنكرياس والكبد والأمعاء وغيرها فإن للكحول تأثيراً على كل هذه الأعضاء. أما الفم فمع الرائحة العفنة يؤدي الخمر إلى تسوس عنق الأسنان والقرح القلاعية المتكررة وطحن الأسنان ومن ثم تآكلها والتهاب الغدد اللعابية وأما البلعوم فيصاب بالالتهاب المنتن والالتهابات الرئوية.
ويذكر الدكتور سكوت "براون"- مؤلف كتاب أمراض الأنف والأذن والحنجرة- أن أولئك الذين ينغمسون في تعاطي الخمور المركزة غالباً ما يعانون من بعض حالات التهاب البلعوم والحنجرة.
وأما المريء فتؤثر الخمر عليه من جهة تأثيرها على الصمام العلوي والصمام السفلي والحركة الدورية وتؤدي إلى التهاب المريء الارتدادي ونتيجة لذلك يشعر المدمن بالغثيان والقيء نتيجة تأثير الخمر على المواد المخاطية وإفرازات المعدة.
وأما المعدة فيؤثر فيها الكحول بارتفاع نسبة نزيف الجزء العلوي من الجهاز الهضمي حيث يتمزق الغشاء المخاطي المبطن لمنطقة ما تحت الفؤاد وهي المنطقة الفاصلة ما بين المرء والمعدة وذلك نتيجة التقيؤ الشديد والمستمر الذي يصيب المدمن والذي غالباً ما يصاحب بتهوع عنيف وينتج عن ذلك أن يتقيأ دماً بشكل غزير ومستمر وقد يفقد حياته.
كما يؤدي الخمر إلى التهاب المعدة الحاد والمزمن ويؤثر على إفرازات المعدة وعلى الغشاء المبطن لجدار المعدة ويؤدي تكرار تناول هذه المقادير الكبيرة إلى التهاب صخوري مزمن وخيم في المعدة يتجلى بنقص الشهية يمتد بعد ذلك إلى الأمعاء وجهازها الغددي فيسبب إمساكاً كما قد يؤدي إلى سرطان المعدة.
كما يؤثر الكحول على الأمعاء الدقيقة كما ذكر ذلك البروفيسور "إيفان بك" في بحثه المقدم عام 1991م في هولندا أن الكحول يتسبب في تغيرات مختلفة للأمعاء منها تغيرات في الشكل المظهري والأوعية الدموية الموجودة تحت جدار الأمعاء بالإضافة إلى تأثير عملية الامتصاص مما يؤدي إلى سوء التغذية.
وأما تأثير الكحول على الأمعاء الغليظة فإن المدمنين يصابون بما يعرف بالقولون المتهيج حيث يعاني المريض من اضطراب في التبرز حيث يعاني أحياناً من الإسهال وأحياناً من الإمساك مع وجع في البطن ولا علاج لذلك إلا ترك شرب الكحول.
ويؤثر الكحول على البنكرياس بالالتهاب الحاد بنوعيه النخري والتورمي نتيجة التأثير السمي المباشر للكحول.
والأهم من ذلك التسبب في تنشيط إنزيمات البنكرياس فتؤدي إلى تحطيم خلايا البنكرياس "التحطيم الذاتي".
وأما تأثيره على الكبد فمن أخطر التأثيرات إذ أن الكبد من أفضل الأجهزة بالنسبة للجسم فهو الذي يحفظ نسبة توازن السكر في الدم و تكون فيه عملية استقلاب البروتينات والدهون وهو الذي يفرز العصارة الصفراوية لهضم الدهون ويمتص السموم ويحطمها ولكن الكحول يشل عمل الكبد ويصبح غير قادر عن الدفاع عن الجسم وله تأثيرات كثيرة على أعمال الكبد المذكورة كما أنه يتسبب في عدة أمراض للكبد كتسحمه والتهابه وتليفه وإصابته بالسرطان وتراكم الحديد في أنسجته وغيرها.
حيث تؤكد الدراسات الطبية أن معظم الذين يتعاطون الخمور مهما قلت كميتها فإنهم يصابون بتراكم الدهون في أكبادهم مما يؤدي إلى تضخمها، ثم يؤدي الأمر إلى التهاب الكبد وقد يتطور الأمر إلى تليف الكبد حيث أثبتت الإحصاءات الطبية أن 10-30% من المدمنين على تعاطي الكحول معرضين للإصابة بتليف الكبد... ووجد أن نحو 15-30% من المرضى الذين أصيبوا بتليف الكبد نتيجة إدمانهم للكحول أصيبوا بسرطان الكبد ووجد أن المدمنين على تعاطي الخمور هم أكثر الناس عرضة للإصابة بفيروس التهاب الكبد البائي والذي يمكن أن يكون سبباً للإصابة بسرطان الكبد لاحقاً.
أما تسرب الحديد في الكبد فيتسبب في تضخم الكبد وفقدانه لوظائفه الحيوية وتشير الإحصاءات إلى أن هذا المرض يوجد عند أكثر من 70% من المدمنين على تعاطي الخمور.
كما يؤثر الكحول على الجهاز التنفسي على الأنف والبلعوم والحنجرة وكذلك على القصبة الهوائية وتفرعاتها حيث تصاب القصبات بالالتهاب المزمن جراء تناول الكحول خاصة إذا رافق التدخين.
كما يؤدي الكحول إلى توسع القصبات وهبوط في عملية التنفس ويؤثر على الرئتين حيث أثبتت الأبحاث تأثير الإدمان على الكحول على الوظائف الفسيولوجية للرئتين خصوصاً تأثيره على قدرة الرئتين على استيعاب أحجام معينة من الغازات والسعة الانتشارية للغازات.
كما يقوم الكحول بتأثيره السام بتقليل كمية الأكسجين في الدم ورفع نسبة ثاني أكسيد الكربون، لذا نجد أن الرئتين تحاولان التخلص من هذا السم الخبيث، لهذا تشم رائحة الكحول في زفير السكير . ويؤدي إلى التهاب الرئة الاستنشاقي والالتهابات الرئوية البكتيرية ومرض خراج الرئة.
كما يؤثر الكحول على القلب والأوعية الدموية حيث يؤثر الكحول على استقلاب الدهون والمعادن والبروتينات في القلب ويؤثر على قدرة القلب على الانقباض.. حيث تثبط الخمرة عمل عضلة القلب فيقل ضخ الدم من القلب كما تزيد من سرعة دقات القلب، وترفع الضغط الانقباضي مما يؤدي إلى حدوث توسع في الأوعية الدموية والجلدية وهذه الأوعية تتأثر بالكحول حيث يسبب لها التوسع ويحس المدمن بالدفء لكن هذا الدفء وقتي حيث يستفرغ حرارة الجسم ثم يؤدي إلى انخفاض شديد في حرارة الجسم يؤثر عليه خاصة في المناطق الباردة.
ويصل طول الأوعية الدموية إلى (100.000/ كيلومتر يتم بواسطتها إيصال الغذاء والأكسجين إلى كل أنحاء الجسم وحيث إن الخمر يؤدي إلى دهنية الدم فإن هذه الأوعية تصاب بالتصلب والضيق نتيجة تراكم الدهن عليها.
وأكدت الأبحاث تأثير الخمر على الجنين حيث تحدث له تشوهات خلقية وهو في رحم أمه كتوقف نمو الدماغ وصغر حجمه مما يؤثر على ذكاء الجنين أو يسبب تأخراً في جسمه بصفة عامة.
كما يؤثر على الغدد القنوية والصماء والمختلطة وعلى الجهاز البولي والتناسلي والحمل والجهاز الحركي والجلد وكثير من أجهزة الجسم .
والخلاصة:
أن الكحول تسبب انهيار المقاومة العامة للجسم وبالتالي استعداد الجسم للإصابة بالأمراض المختلفة والالتهابات الجرثومية والفطرية والفيروسية.
وبعد هذا الاستعراض السريع والمختصر لبعض أضرار الخمر يتبين لنا حكمة التشريع الإلهي في تحريمها ونعلم علم اليقين أن هذه الشريعة قائمة على مصالح للعباد لا يعرفونها لكن الله يبدي للإنسانية بعض الحكم ليزيد إيمانها بالله تعالى.
فإن قيل ما وجه الإعجاز في تحريم الخمر... قلنا هو من أوجه:
الوجه الأول: التحريم ككل كما رأينا في أضراره وأغلبه بشهادة الكفرة الملحدين .
الوجه الثاني: تحريم قليل الخمر وكثيره فقد يقول قائل لماذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريمه قليلاً وكثيراً وهل في قليله أضرار ككثيره، يجيب على ذلك المختصون حيث أثبت العلم أن الكحول يختلف عن أكثر المواد في أنه حتى بالمقادير البسيطة يحدث أضراراً في قوة الإرادة والتحكم وتزداد به الانفعالات النفسية والأضرار الفسيولوجية.
يقول الدكتور البار: وقد أظهرت الأبحاث الطبية أن أوقيتين من الويسكي فقط تسبب انخفاضاً في عمل القلب بنسبة 20%.
وسبق أن قلنا عن بحث الدكتور "مالفين كينسلي" بأن كأساً واحداً من الكحول تؤدي إلى موت بعض خلايا المخ.. الخ.
وبهذا يتبين إعجاز الأحاديث النبوية الصادرة عن من لا ينطق عن الهوى في تحريم قليل الخمر وكثيره .
الوجه الثالث: ٍأن بعض الأطباء كانوا يقولون إن في الخمر شفاءاً وأنه يداوي بعض الأمراض بل إن بعضهم يقول إنه بالنسب القليلة مفيد وأثبتنا بطلان ذلك بكلام الأطباء، وبعض الأطباء يدعي فائدة الخمر لمرض القلب وأنه يقي من النوبات القلبية وأنه مفيد للمعدة وكل ذلك ظهر بطلانه بكلام الأطباء المختصين وفندوا تلك الادعاءات السابقة بل ظهر أنه يحطم هذه الأجهزة ويزيد من هذه الأمراض... فمن علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع أن ادعاء أن الخمر شفاء كان شائعاً.
اسمع إلى النبي وهو يصف الخمر:
عن وائل الحضرمي: أن طارق ابن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر ؟ فنهاه أو كره أن يصنعها. فقال: إنما أصنعها للدواء فقال صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس بدواء ولكنه داء"(2),
فمن علم النبي الأمي بهذه المادة الخبيثة أنه لا شفاء فيها وأنها مضرة على أي وجه كانت.. بل اسمع إلى هذه القصة في عام 1928م عقد المؤتمر الدولي التاسع عشر لمكافحة المسكرات في مدينة الفرس ببلجيكا وفي المؤتمر وقف كبير أطباء مستشفى فيينا قائلاً: «لقد كان بعض الأطباء على خطأ علمي عظيم حيث كانوا يوصون بتعاطي جرعات من المشروبات الكحولية للاستفادة منها في مقاومة البرد لما كان يبدو من تأثير ظاهري في تدفئة الجسم عند تناولها واستطرد قائلاً: إن الشعور بالدفء في هذه الحالة إنما هو شعور كاذب إذ يليه انخفاض في درجة الحرارة" ثم فتح باب المنافشة.. فقال أحد العلماء: "إن أهل ايسلندا ـ وهي من أشد البلدان برودة ـ يستعينون على مقاومة البرد بتعاطي المشروبات الكحولية فكثرت بينهم الوفيات إلى حد أقلق بال ولاة الأمر فألّفوا لجنة لهذا الغرض وأثبتت اللجنة أن كثرة الوفيات في الجزيرة راجع إلى أن القوم يستنفدون حرارة أجسامهم بما يتعاطونه من المسكرات فيصعد البرد من داخل الجسم إلى سطح الجلد فتبرّده برودة الجو تدريجياً حتى يأتي على آخره، فتنتهي الحياة بانتهاء آخره وهذه الظاهرة هي التي دفعت برلمان ايسلندا إلى إصدار تشريع يحرم الخمر في بلاده».
ثم نهض مندوب السويد فقال: «أريد أن ألفت أنظار أعضاء المؤتمر إلى ما حدث للدكتور (سكوت) وصحبه في رحلتهم عندما ذهبوا في منطاد لارتياد القطب الجنوبي فقد أدر (سكوت) مدى تأثير الخمر في الأجواء الباردة فأوصى أصحابه بألا يشربوا الخمر حتى لا تفقد أجسامهم قدرتها على تحمل البرد وعندما نسي أصحابه هذه النصيحة وعمدوا إلى زجاجات الويسكي كانت النتيجة كما دونها الدكتور (سكوت) في مذكراته أن الذين اتبعوا نصيحته واجتنبوا شرب الخمر نجوا وحدهم من الموت دون غيرهم».
عندئذ قام ممثل مصر الدكتور أحمد غلوش فقال: إن الضحايا البشرية التي أشار إليها الأعضاء قد سلم المسلمون من أمرها بسبب اتباعهم أوامر دينهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث حذرهم من شرب الخمر وأوضح لهم أنها لا تنفع في مقاومة البرد ثم قدم لهم رواية الحديث الذي رواه ديلم الحميري قال: " قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنا بأرض باردة ونعالج فيها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا قال: " هل يسكر ؟ " قلت : نعم قال : " فاجتنبوه " قلت : إن الناس غير تاركيه قال : " إن لم يتركوه فقاتلوهم "(3).
فهل بعد هذا البيان من شك في صدق نبوة محمد النبي الأمي عليه الصلاة والسلام.
الوجه الرابع: الإعجاز في بيان العلة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين علة تحريم الخمر بقوله كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام"(4).
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل شراب أسكر فهو حرام"(5).
فما هو سر تنصيص النبي صلى الله عليه وسلم على الإسكار لا شك أن لذلك سراً وذلك أن مادة الإسكار هي الكحول أو الإيثيل ورمزه الكيميائي (G2H5OH) وهي المادة التي تغتال العقول والتي نفاها الله تعالى عن خمر الجنة بقوله: ﴿لا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾ [الصافات 47]، وأصل كلمة كحول في لغة العرب غول وهذه المادة هي المادة المسكرة في جميع الخمور المصنّعة.
حيث قرر العلماء المتخصصون في أنواع الخمر فقالوا توجد مادة الغول في كثير من المشروبات الكحولية التي تستخلص بتخمير النشأ أو السكر أو غيرها من النشويات فهي وإن اختلفت في أسمائها فهي ذات أصل واحد ويظهر من ذلك صدق الرسول عليه الصلاة والسلام حيث روى عنه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها"(6).
فهذه حجة الله البالغة وبراهينه الساطعة على صدق رسوله الكريم صلوات الله عليه وعلى آله ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات:50], ومن حكمة الله الباهرة أن تكون دقة التصوير العلمي الموافقة لدقة الحديث النبوي من كلام كافر لا يعرف كتاب الله ولا سنة رسوله ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ [النمل 93], ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص 88]
والحمد لله على إفضاله والشكر له على تيسيره وامتنانه, وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
إعداد: إسماعيل الجرفي.
--------------------------------------------------------------------------------
(1)- أخرجه أبو داود في السنن 2/352, برقم: 3681, والترمذي في السنن 4/292, برقم: 1865, والنسائي في السنن 8/300, برقم: 5607, وابن ماجة في السنن 2/1124, برقم: 3392, وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة 2/245, برقم: 2736, وهو في صحيح الجامع برقم: 5530.
(2)- مسلم 3/1573, برقم: 1984.
(3) - أخرجه أحمد في المسند 4/232, برقم: 18064, وأبو داود في السنن 2/353, برقم: 3683, وصححه الألباني في مشكاة المصابيح 2/332, برقم: 3651.
(4) - مسلم 3/1587, برقم: 2003.
(5) - البخاري 1/95, برقم: 239.
(6) - أخرجه أحمد في المسند 4/237, برقم: 18098, وأبو داود في السنن 2/354, برقم: 3688, والنسائي في السنن 8/312, برقم: 5658, وابن ماجة في السنن 2/1333, برقم: 4020, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/774, برقم: 414, وهو في صحيح الجامع برقم: 8092.
_________________
تحياتى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اغلب اهتمامات من يدخل النت تكون للمرح والترفية وقليل من يبحث عن علم ينفع ومعرفة تفيد
بحب مصر000
فى الزحمة0000
فى اللمه000
فى ناسها الطيبين000
فى لون الطين000
فى علو برجها000
فى سمار اهلها000
بحبك يامصر000