منشاة سلطان الحاضر
لم تعد للأرض نفس القيمة والقدسية عند الفلاح فبيعها لم يعد عيبا كما كان , وتجريفها وتبويرها والبناء فوقها أصبح شيئا مستحبا بل مرغوبا بشدة لديه . وربما يرجع ذلك لأن الأرض لم تعد تستر الفلاح أو تسد احتياجاته
بدا السفر إلى الخارج حلما يداعب خياله , ويسعى إليه بكل ما أوتى من قوة , وإذا نجح فى السفر فإنه يقضى سنوات طويلة هناك , ويأتى لزيارة أهله لمدة شهر أو شهرين كل عام أو عامين , وتصبح علاقته بزوجته وبأولاده علاقة موسمية مؤقتة وعلاقة تمويل أكثر منها علاقة أسرية متينة
مبان بالطوب الأحمر ذات طوابق متعددة وليس لها أى نمط مميز بل هى تبنى كيفما اتفق , ولذلك أصبح شكل القرية عشوائيا يحوى بعض البيوت القديمة الطينية مع الكثير من الكتل الأسمنتية والطوب الأحمر الذى يخلو من البساطة والجمال , وبجانب هذا بعض البيوت الفارهة على نمط المدينة , وكل هذا يشكل مسخا لا ينتمى إلى القرية أو إلى المدينة
الآن فهو يشترى الخبز من الفرن أو من محلات البقالة , وقد عزفت زوجته عن "الخبيز" وعزفت عن تربية الدواجن , وعزف هو عن تربية المواشى (ربما لغلاء تكلفة هذه التربية على المستوى الفردى)
وأصبحنا نرى ونسمع عن العلاقات العاطفية المتعددة والمفتوحة فى المجتمع القروى , وعن حالات حمل غير شرعى بنسب ليست قليلة , وانتشر تعاطى المخدرات بأنواعها , وكثر عدد المقاهى , ومحلات الإنترنت , واختفت الأزياء الريفية وظهر خليط من الأزياء المدنية المختلطة ببعض اللمسات الريفية . ولم يعد احترام الكبير قائما , واهتزت صورة الزوج فلم يعد يحظى بنفس التقدير العالى كما كان وأصبحت المرأة قادرة على أن تعنفه وتلومه وأحيانا تضربه , ولم يعد المراهقون والشباب يطيعون أوامر الآباء والأمهات بل أصبحوا مصرين على خياراتهم وارؤاهم الشخصية بشكل أكثر وضوحا وجرأة .