حصل الأهرام علي تفاصيل مهمة في قضية التخابر لحساب جهاز الموساد الإسرائيلي والمتهم فيها الجاسوس المصري طارق عبدالرازق حسين.
وضابطين بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية هاربين وتضمنت المفاجآت معلومات خطيرة حصل عليها الموساد من العميل السوري صالح الناجم,والذي يعمل ضابطا بالمخابرات العسكرية السورية, وتم الكشف عنه والقبض عليه بعد أن سلمت المخابرات المصرية ملفا مدعوما بالوثائق والأدلة إلي المخابرات السورية, حمل الاعترافات التفصيلية التي أدلي بها المتهم طارق عبدالرازق منذ القبض عليه في أول أغسطس الماضي, مكن السلطات السورية من القبض علي الضابط الجاسوس وجري استجوابه وتقديمه لمحكمة عاجلة قضت بإعدامه وتم تنفيذ الاعدام فيه دون إعلان بعد ثبوت تجسسه لصالح الموساد منذ15 عاما, عقب تجنيده في باريس عندما كان يعالج داخل أحد مستشفياتها وطوال هذه السنوات أمدهم بمعلومات خطيرة حول الملف النووي السوري ومطار دمشق والوجود الأمني في الشوارع. وقد كشفت التحقيقات عن إصرار الموساد الإسرائيلي علي اختراق الجبهة السورية بمختلف الوسائل والسبل والسعي لتجنيد عملاء من مختلف الطبقات والشرائح مهما كان الثمن أو التكلفة المادية, وهو ماتم بالفعل بعدما نقلت معلومات خطيرة عن الوضع الداخلي والأمني وحركة التجارة والصناعة.
اختراق الجبهة السورية
وقد أدلي المتهم طارق باعترافات مثيرة حول تعامله في الملف السوري, وقال إن ضابطي الموساد طلبا منه في البداية تجنيد عناصر من سوريا من خلال إنشاء مواقع علي الإنترنت تحت مسمي شركات وهمية تطلب وظائف في جميع المجالات والتخصصات لضمان إقبال أكبر عدد من أبناء الشعب السوري من مختلف الأعمار والطبقات, خاصة في مجال تجارة الزيتون والحلويات, علي أن يكون مقر هذه الشركة هو الصين لضمان الدخول والخروج من وإلي سوريا والعودة إلي بكين, وكذلك إختراق شبكة الاتصالات السورية, علي أن يتم تدوين بيانات المتقدمين من حيث أعمارهم وخبراتهم ودراساتهم وعناوينهم وأرقام تليفوناتهم ومتوسط دخولهم وأماكن إقامتهم في سوريا, ويتم فرزهم بعد ذلك وترشيح من يصلح منهم للتعامل مع الموساد. وبدأت الشركات السورية في مراسلة المتهم طارق الذي بدأ في جمع هذه البيانات من المتقدمين, بعدها طلب منه الموساد الاستعداد للسفر إلي سوريا لمقابلة بعض المتقدمين هناك وحجزوا له تذكرة من دولة مكاو إلي دمشق.
رصد لكل ما هو سوري
وكانت التكليفات للمتهم طارق أنه منذ أول نزوله من الطائرة في المطار يقوم برصد الوجود الأمني داخل المطار وعدد بوابات الدخول والخروج وطبيعة الاجراءات ونوعية السائحين الموجودين علي الأراضي السورية وكيفية التعامل معهم, وعدد الطائرات المتوقفة بالمطار والرحلات القادمة إلي المطار ومعاملة الجمهور للسائحين ونوعية أجهزة الكمبيوتر المستخدمة في المطار, وشبكة الإنترنت وقيمة اشتراكات الأفراد الشهرية فيها ونوعية أجهزة الكمبيوتر التي يقبل عليها الجمهور السوري, ونقل صورة كاملة عما يحدث في المطار وطبيعة الرصد الأمني وطرق التفتيش في المطار والبوابات التي يقف عليها أفراد الأمن وطولها وسمكها, وقد نفذ المتهم هذه التكليفات حرفيا, وقدم تقارير بها إلي ضابطي الموساد. وسلما له9 أسماء للقائهم علي مدي ثلاثة أيام في سوريا, وأعطوا له تليفون مفتوح طوال الوقت وطلبا منه النزول في فندق معين علي أن يتم تغييره كل مرة, والتقي المتهم بالأسماء التسعة التي تم تحديدها له فضلا عن مقابلة بعض المتقدمين للعمل من أصحاب الشركات الذين يريدون التصدير, وجمع كل المعلومات المطلوبة منه وسجلها في تقارير وعاد إلي تايلاند, وسلم أيدي موشيه ضابط الموساد كل ما كتبه من معلومات عن الداخل السوري.
المهمة الثانية
وبعد ذلك طلب الموساد من المتهم طارق عبدالرازق السفر للمرة الثانية إلي سوريا علي أن يكون السفر لمدة ثلاثة أيام للمتابعة ولقاء المتقدمين لشغل الوظائف الوهمية للموساد, وكان الهدف هذه المرة رصد طبيعة ونوعية الوجود الأمني في الشارع السوري وماذا يشغل الرأي العام هناك ومدي رضائه عن نظام الحكم القائم.. بعدها تم تكليفه بالمرحلة الثالثة والأهم في مهمته إلي سوريا عندما قال له أيدي موشيه والذي يتحدث العربية بطلاقة سوف تجلس مع خبير نووي تابع للموساد, وسوف يفهمك طبيعة المهمة القادمة وحضر الخبير النووي, وقال لطارق لنا عميل مهم جدا في سوريا وسوف نسلمك أموالا تعطيها له.. وفعلا أعطاه مبلغ خمسة آلاف يورو وألف دولار وعدد من زجاجات الويسكي والمنشطات الجنسية والسجائر, وقال له سوف تجلس معه.
في البداية لتتعرفا سويا.. ثم أجروا اتصالا بالعميل السوري وقالوا له لنا صديق وهو شريك معنا عندما ينزل سوريا سوف يتصل بك, وذهب طارق إلي دمشق وهو لا يعرف من هو العميل المهم ولا اسمه أو عمله.. وبعد وصوله إلي سوريا اتصل به والتقي الاثنان حيث اصطحب العميل السوري طارق إلي أماكن عديدة في سوريا للفسحة والتنزه وبعدها عاد طارق إلي نيبال دون أن يعلم شيئا عن العميل سوي أنه سوري الجنسية, والتقي مع إيدي موشيه الذي قال هذا الراجل يعتبر شخصية مهمة وعايز أفهمك إنه بيشغل موقع كبير في المخابرات السورية وهو برتبة عميد واسمه صالح الناجم, وهذه الأسئلة سوف تعطيها له ويرد عليها وتتسلم منه الإجابات عنها وتعود بها إلينا.
قصة التجنيد للضابط السوري
وفي التحقيقات التي كان يتابعها المستشار د.عبدالمجيد محمود النائب العام, وأجراها المستشار طاهر الخولي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا باشراف المستشار هشام بدوي المحامي العام الأول, كشف الجاسوس طارق عبدالرازق عن قصة ضابط المخابرات السوري منذ15 عاما, كما رواها له ضابط الموساد أيدي موشيه الذي قال: هذا الرجل تعرفنا عليه منذ15 سنة عندما كان يعالج في فرنسا, وكان ينزل في نفس الجناح الذي كان يعالج فيه أحد عملاء الموساد وكانت فرصة عظيمة لتجنيد هذا الرجل بعد أن أغدقنا عليه الهدايا والعطايا وعلي حد تعبيره قمنا معه بواجب كبير وسلمه25 سؤالا للرد عليها علي أن يعود بالإجابات عنها للقاء ضابط الموساد في تايلاند وكانت جميع الأسئلة حول النفايات النووية وطريقة دفنها والتخلص منها وكيفية نقلها ونوع السيارات التي تنقل النفايات وحجم ونوع هذه السيارات, وسلمه مبلغ5 آلاف دولار لإعطائها له ورد العميل السوري علي الأسئلة خلال يومين وخلالها اصطحبه إلي عدة أماكن في سوريا من المطاعم والملاهي والمتنزهات وخلالها علم أن العميل السوري ينتمي إلي العلويين, وكان الهدف من كل هذه المعلومات هو معرفة قدرة وحجم المفاعل النووي السوري.
لقاء الناجم في باريس
وكل مرة كانت ثقة الموساد تزداد في المتهم طارق عبدالرازق لتنفيذ تكليفاتهم بدقة وحرص شديد ولذلك طلبوا منه السفر للقاء العميل السوري صالح الناجم في المستشفي الذي كان يعالج فيه في باريس منذ51 سنة إذ لم يبق له5 سنوات فقط ويحال للتقاعد من وظيفته المهمة وكذلك من الصعب أن يخرج من سوريا إلي دولة أخري إلا بموافقة المسئولين هناك وعرض علي الضابط السوري مسألة السفر إلي باريس للمقابلة بها, لكنه رفض لعدم إثارة الشكوك حوله وطلب أن تتم المقابلة في دمشق, وسافر طارق إلي سوريا بعد أن تسلم تليفونا من الموساد لكي يمكنه أن يتحدث إليهم منه مباشرة وهو خاص للاتصال بهم فقط وطلبوا منه لقاء العميل السوري لتسليمه ملفا كاملا وأوراقا ومستندات عن المفاعل النووي السوري فضلا عن الإجابة علي بعض الأسئلة الخاصة بالنشاط النووي في سوريا وطلب الضابط السوري مقابل تنفيذ ما طلبه الموساد مبلغ20 ألف دولار لحاجته لهذا المبلغ لبناء منزل لأسرته فضلا عن حاجته لجهازي كمبيوتر ونظارة ريبان وترك الأسئلة مع العميل السوري وعاد طارق للقاء إيدي موشيه وإبلاغه بطلبات الجاسوس الناجم ووافق الموساد علي القرض الخاص بشراء الملف النووي السوري وسلموا المبلغ المطلوب للمتهم طارق لتسليمه له, كما أعطوا له كاميرا دقيقة لتصوير أوراق مهمة متعلقة بالنشاط النووي السوري, وتوجه الضابط السوري مع العميل إلي الفندق الذي يقيم به طارق عبدالرازق في دمشق وحمل معه الملف النووي وسلمه إلي الجاسوس طارق الذي صوره بواسطة الكاميرا الدقيقة وأحرق أوراق الملف لعدم الكشف عن مهمته, وتسلم الملف النووي كاملا وعاد به إلي الموساد وربما كانت هذه من أخطر المهمات التي نفذها بنجاح لمصلحة ضباط الموساد الذين كانوا يثقون به جدا.
وقال طارق في التحقيقات إنهم سلموه جهاز كمبيوتر مشفرا مزودا ببرنامج خاص وقد تم تدريبه عليه لاستخدامه في النقل والاحتفاظ بالتقارير السرية دون إمكان الكشف عنها فضلا عن تدريبه علي مستوي عال علي كيفية الحصول علي المعلومات والاحتفاظ بها وهذا الجهاز يبلغ ثمنه حوالي مليوني دولار ويتم تصميمها خصيصا لجهاز الموساد وأنهم كانوا سوف يسلمونه جهازا آخر أكثر تطورا في أغسطس الماضي ولكن تم الكشف عنه والقبض عليه.
قصة الوفد العسكري الكوري
وكشف المتهم طارق في التحقيقات عن مفاجآت مثيرة حول دور العميل السوري صالح الناجم في تزويد الموساد بكل تفاصيل الملف النووي والتدريب علي الأسلحة والمواقع العسكرية عندما سلم المتهم طارق تقريرا مفصلا عن زيارة وفد عسكري من كوريا الشمالية إلي سوريا الذي وصل لتدريب بعض الضباط والخبراء السوريين في المجال النووي والعسكري علي كيفية الاستخدام علي أن توفد سوريا بعد ذلك وفدا عسكريا من ضباطها إلي كوريا الشمالية للتدريب هناك علي الأسلحة النووية وكان من المنتظر أن يضم هذا الوفد العميل السوري العميد صالح الناجم وقد قال الناجم لطارق عليك إبلاغ الموساد إنني سوف أزودكم بتفاصيل رحلة الوفد الكوري الشمالي, وكيفية التدريب في تقرير مفصل ولكن سقوط شبكات التجسس لمصلحة إسرائيل بمصر وسوريا حالت دون استكمال هذه المهمة.
أوقف النشاط فورا
وكشفت التحقيقات عن أن أجهزة الاستخبارات اللبنانية كانت قد رصدت بعض عملاء الموساد في يونيو الماضي بناء علي معلومات من المخابرات المصرية وألقت القبض علي ثلاثة عملاء للموساد قاموا بالتجسس علي شبكة الاتصالات اللبنانية ومكالمات كبار المسئولين وقد تم تنفيذ حكم الإعدام في الجواسيس الثلاثة مما أصاب المتهم طارق بالذعر والرعب وأبلغ علي الفور أيدي موشيه ضابط الموساد الذي كان يتابعه فطلب منه الأخير وقف النشاط والاتصالات فورا قائلا له: عليك العودة إلي الصين لحين صدور تعليمات أخري لأن أجهزة الاستخبارات تنشط عادة عقب الكشف عن أي عميل فعاد طارق إلي بكين وبعد ثلاثة أيام من التفكير والشعور بالاختناق والقلق قرر الذهاب إلي السفارة المصرية في بكين وطلب لقاء السفير المصري وأخبره خلال اللقاء بأنه تعرض لمحاولة تجنيد من جانب الموساد وعرض علي السفير استعداده للتعاون لمصلحة المخابرات المصرية والموساد في وقت واحد فطلب منه السفير ضرورة السفر إلي مصر وإخطار المخابرات المصرية بذلك علي أن يقوم بحجز تذكرتي ذهاب وإياب من بكين إلي القاهرة لبث الطمأنينة في نفسه, ولكن أجهزة الأمن القومي المصري كانت ترصده لحظة بلحظة وألقت القبض عليه.
فشل تجنيد صاحب شركة خاصة
وقد كشف المتهم بالتخابر لمصلحة الموساد طارق عبدالرازق عن أنه عقب تجنيده من قبل الموساد سأله إيدي موشيه عن طبيعة عمله قبل ذلك في مصر فقال إنه كان يعمل مدربا لرياضة الكونغ فو في أحد الأندية منذ2004 إلي2007 حتي سفره إلي الصين وكان يقوم بتدريب نجل أحد أصحاب الشركات فطلبوا منه لقاء هذا الرجل في مكتبه بالقاهرة وعرضوا عليه التعاون معهم في التجارة والبيزنس وبالفعل قابله وأعطاه نوعية معينة من الزجاج تصنع في مصر وطلب منه التعاون لتصنيعها في الصين ولكن صاحب الشركة المصري طلب إمهاله وقتا ولم يرد عليه, ونسي الموضوع وبعد ثلاثة شهور فوجئ صاحب الشركة المصري باتصال من شخص لا يعرفه وكان موفدا من الموساد وطلب لقاءه حيث التقي به ومعه نجله الذي كان يقوم طارق بتدريبه وكان موفد الموساد يحمل الملامح الصينية ويتحدث العربية وطلب منه إنشاء شركة سويا في مجال الاتصالات والإلكترونيات والتليفونات لفتح أسواق ما بين الصين والقاهرة وحاول إغراءه بأن ذلك سوف يكون مصدرا لبيزنس كبير جدا, وطلب منه التوسع بعد ذلك والبحث عن شركاء آخرين في مصر وحضر هذا اللقاء شخص آخر كان يرافق موفد الموساد ولكنه لم يتحدث بكلمة واحدة.. ولكن صاحب الشركة المصري أنهي اللقاء من جانبه قائلا إنه يعمل في مجال المنسوجات ولا يريد الدخول إلي مجالات أخري طالبا منهم البحث عن آخرين غيره.. ولكنهم اختفوا تماما بعد أسبوع من اللقاء ولم يعاودوا الاتصال به مجددا.. ومضت عدة شهور فجددوا الاتصال به من خلال اتصالات من هونج كونج فضلا عن توجيه دعوات له شاملة تذاكر السفر والإقامة في أفخم الفنادق فضلا عن مراسلته بالإيميلات.. ولكنه كان يتجاهل ذلك حتي فوجئ بأحدهم يتصل به ويتحدث إليه ويقول له: لماذا لا تريد العمل معنا في التجارة وأنت سوف تكسب من وراء ذلك الكثير.. ولكن صاحب الشركة المصري لم يكن علي دراية بما يضمره ضباط الموساد ولا يعرف هويتهم ولكنه تشكك في إلحاحهم عليه وخشي التعامل معهم. وأوضح طارق إصرار الموساد علي تجنيد صاحب الشركة المصري للاستفادة من علاقاته وخبراته حتي إنهم رصدوه في إحدي مهماته الخارجية عندما كان مسافرا مع وفد تجاري مصري إلي دولة التشيك ورصدوا مدة إقامته وتحركاته هناك ومقابلاته التجارية وللتأكد من هذه المعلومات اتصل طارق بنجل الرجل في القاهرة للسؤال عن والده فأخبره بأنه في مهمة خارج مصر مع وفد تجاري للتدليل علي رصدهم له وإلحاحهم في التعامل معه.
_________________
لكـــــــــــــــل امرئ دار *****
وداري منـــتدى احباب منشاة سلطان أهيم فيها يمنة ويسرة *****
والقى فيها صحــبي الأبـــرار أنـــهل منها علم ونور *****
وكنوز معرفة أسرار واســـرار كشامة على خد حسناء *****
تزينت فزادت حســناً ووقار وفي الليل البهيم تلألأت *****
كأنها علم على رأسـها نار ومن عبق ريحها وعبيرها *****
تفتحت بين جناباتها أزهار لله درك يامنشاوية فقد غدوت *****
شمساً أحاطت بها الأقمار فالزم اعتابــــــــها *****
فإنـــها ساحة الأخيــــــــــــار*****