'صفاء صالح' تفوز بجائزة 'سمير قصير' لحرية الصحافة 2010

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الأسبوع أونلاين
فازت الزميلة 'صفاء صالح' عضو قسم التحقيقات بصحيفة 'الاسبوع' بجائزة الكاتب اللبناني الراحل 'سمير قصير' لحرية الصحافة لسنة 2010 عن موضوعها المقدم ضمن 150 صحفيًا تسابقوا للفوز بالجائزة والذي حمل عنوان 'بنات التبغ' والمنشور في صحيفة 'الأسبوع'.. وتبلغ قيمة الجائزة التي حصلت عليها الزميلة 'صفاء صالح' 12الفًا و 500 يورو، حيث تسلمت الجائزة في احتفال كبير اقيم في بيروت في السادسة من مساء أمس الخميس بحضور وزير الاعلام اللبناني 'طارق متري' ووزير الدولة 'جان اوجاسبيان' ..
ووزير الدفاع الوطني 'إلياس المر' والعميد 'فؤاد خوري' وسفراء كل من فرنسا وبريطانيا واسبانيا ورومانيا والتشيك والمانيا واليونان ومصر والنائبين 'مروان حمادة' و 'فؤاد السعدي' والاعلامية 'مي شدياق' والدكتور 'وليد قصير' وشخصيات دبلوماسية وإعلامية وثقافية.

وقد اكد مقدم الحفل لدي اعلان فوز الزميلة 'صفاء صالح' ان الاختيار تم وفقًا للصدق والاخلاقية المهنية والشعور بالمسئولية والموهبة والشجاعة فيما قالت الزميلة 'صفاء صالح' في كلمتها امام الحفل ولدي تسلمها الجائزة عن تحقيقها 'بنات التبغ' انها تقدم هذا الفوز الي ارواح شهداء الحرية والمعتقلين في غزة والحالمين بإنسانية من دون عدوان أو قهر أو تمييز.. وفاز بالجائزة مع الزميلة 'صفاء صالح' الصحفي الليبي 'مصطفي الفيتوري'.

يذكر أن لجنة التحكيم لاختيار الفائز بالجائزة تألفت من المديرة المساعدة للتحرير في القسم العربي في قناة فرانس 24 والمديرة المساعدة للأخبار والبرامج في إذاعة 'مونتي كارلو الدولية' ورئيسة القسم العربي للوسائل السمعية البصرية الخارجية لفرنسا AFE ناهدة نكد، صحفي وكاتب عمود في صحيفة 'النهار' اليومية اللبنانية أمين قمورية، برغيت كاسبار، مراسلة لإذاعات SWISS WELLE DEUTSCHE DEUTSCHLANDRADIO و DSR وصحفة ومجلات المانية عدة في بيروت برغيت كاسبار، رئيس تحرير صحيفة 'الوطن' السعودية اليومية، جمال خاشقجي مؤسس ورئيس تحرير المجلتين المغربيتين الاسبوعيتين المستقلتين 'تيل كيل' باللغة الفرنسية و'نيشان' باللغة العربية، أحمد رضا بن شمسي، المستشارة للتنمية الاجتماعية والحضرية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا مهي يحيي، وممثلة مؤسسة سمير قصير.

وقد تسلمت الزميلة 'صفاء صالح' من رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي السفير باتريك لوران ورئيسة مؤسسة سمير قصير الاعلامية 'جيزيل خوري قصير'.

تعمل صفاء صالح صحفية في جريدة الأسبوع وعملت سابقاً في "اليوم" و"جيل الغد"، وتحمل درجة البكالوريوس في علوم الرياضيات والكومبيوتر.

الفائزة عن فئة أفضل تحقيق صحافي: صفاء صالح

الجنسية: مصرية

11/12/2009نشرالمقال في"الاسبوع"، مصر، في

_________________________________________________________

بنات التبغ



في كل صباح تستيقظ الالاف من فتيات الريف مع نزول أول قطرات الندى على اوراق الورود بالمشاتل المنتشرة بمحافظة المنوفية لا ليقطفن الزهور أو يحملنها الى مصانع العطور ولكن ليحملن التبغ ويخلطنه بالقطران في مصانع المعسل المنتشرة بالمحافظة لتشرب الصبايا والرياحين الصغيرة المر من أجل خمسة عشر جنيها_ تقيهن ذل السؤال_ في آخر اليوم.

يوميا تتعرض تلك الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 9 سنوات الى 22 سنة الى العديد من المخاطر الصحية نتيجة تعاملهن مع الأتربة والأحماض والغازات المنبعثة أثناء عمليات التصنيع والتعبئة الى جانب احساسهن بالمهانة الناتج عن التعسف والعنف من رئيسات صالات المصنع ولا يجدن من يطالب بحقوقهن أو يدرأ عنهن الأذى النفسي والبدني.



استيقظت في الخامسة من صباح يوم الأربعاء الماضي 11-11-2009 وخرجت من المنزل في السادسة الا ربع ولم تكن الشمس قد صحت من ثباتها بعد بينما وقفت عشرات الفتيات والاطفال من قريتي على محطة القرية _ منشأة سلطان ، الواقعة على بعد 11 كم من العاصمة شبين الكوم_ بانتظار الأتوبيسات التي سوف تقلهن الى مصانع العاصمة شبين الكوم_ 73 شمال اقاهرة_ ومدينة السادات فهذه المجموعة ذاهبة الى مصانع الملابس وتلك الى مصانع التبغ (المعسل) وأنا واقفة في ركن أترقب وانتظر فتيات مصنع التبغ "الدخان المعسل" حتى شارفت الساعة على السادسة ونصف وهمت أول مجموعة بالرحيل فذهبت اليهن وسألت عن أتوبيس مصنع الدخان فأجابت احداهن بأنه لم يأت بعد وأشارت الأخرى خلفي بأنه هو القادم هناك فتوجهت إليه وسألت السائق : " الأتوبيس ده رايح مصنع الدخان؟".

فأجابني :" أيوة ، انتي جديدة؟

:" أيوة أول مرة".

_:" نورتينا ولو ليكي اخوات او اصحاب قولي لهم وهاتيهم احنا عاوزين بنات كتير كمان اتوبيس او اتنين".

فصعدت الى الميني باص القديم وقلبي يكاد يقف خوفا من هذا العالم المجهول المقبلة عليه من جهة أو ان تفشل مهمتي ويكشف أمري من جهة أخرى.

كان مع السائق بالداخل ابنته الصغيرة التي لم تكمل عامها السادس بعد وكلما هممت بالجلوس على أحد المقاعد أخبرتني أن هذا المقعد يخص احدى الفتيات وانها ان جاءت ووجدتني فسوف تطردني منه فسألتها اين أجلس اذن فاشارت الى المقعد خلف السائق ولكن اشترطت أن اجلس ناحية الطرف لأن جانب النافذة يخص داليا وسوف تغضب ان وجدتني فقلت لها "مش هتفرق لما تزعل ابقة اقعد ناحية الطرف" .

وانتظرت بضع دقائق حتى بدأت الفتيات تأتي المجموعة تلو الأخرى تحمل كل فتاة منهم كيس بلاستيك صغير به عباءة العمل وأكل لوجبة الغذاء، لكل منهم مكانها الذي تعرفه جيدا وجاءت داليا ولم تعلق على وجودي الا بعبارة مقتضبة وحادة :"ده مكاني".

كان وجوم وجهها بل وجوههن جميعا لا يبشر بخير فجميهن واجمات صامتات غاضبات يظهر غضبهن اذا ما استفزت احداهن الاخرى لينطلق بركان من الغضب المفعم بالشتائم

انصعت لأمر داليا وانا متوجسة خيفة من الجميع اللاتي ينظرن الى بشئ من عدم المبالاه ثم أشاحوا بوجوههن عني .

وبعد أن انطلق الميني باص في طريقه للمصنع سألتني نجية أو دلوعة كما يطلقون عليها " انتي جديدة يا عسل؟" .

فأومأت برأسي : نعم

فردت :" طب أنصحك تاخديها من قصيرها وتشوفيلك شغلانة تانية بدل القرف الي احنا فيه ده ، ولا أقولك خديها معاكي السخانات يا داليا" ونظرت الى داليا وضحكت ليؤمن الباقون على كلامها مطالبين داليا بأخذي السخانات فوافقت داليا وقالت " وماله تيجي" .

فسألتها عن ماهية هذه السخانات وأجابت " هناك هتعرفي".



ثم انتابت نجية حالة من الكحة الشديدة أردفتها بقولها " الله يخرب بيت عجينة دخان امبارح دي لما بيجيبوها الواحد بيبقة هيموت وهوا بيوزنهاولا بيحط ايده فيها ."

ثم قالت للفتاه بجانبها" بالليل أغمي عليا في الحمام وامي بقت تصوت عليا ".

فسألتها :" انتي تعبانة؟"

_:"أه صدري بيوجعني من الغم اللي احنا بنشوفه في الشغل".

_:"طب ما تكشفي".

_:"كشفت كتير ومافيش فايدة هوا طول ماحنا في المصنع هنخف أبدا؟"

_:"طب ليه عجينة معسل امبارح بالذات بتتعبك؟".

_:"عشان فيها مية نار أكثر من معسل القص ".

وهما النوعان اللذان ينتجهما هذا المصنع من المعسل الى جانب النشوق.

تعمل نجية في المصنع حتى تجهز نفسها وتكمل شوارها (جهاز العروس) فهي عروس مخطوبة منذ فترة وعلى وشك اتمام الزواج بعد ان تكمل جهازها ، كذلك صباح التي جلست تشكو أنها بعد أن جهزت نفسها من كله لم تجد مكانا في عش الزوجية تضع فيه الكماليات التي اشترتها لانها سوف تتزوج في غرفة واحدة حيث ستعيش مع زوجها في دار العيلة وسوف تكوم معها الثلاجة والفرن والبوتاجاز والغسالة وجميع الاشياء التي اشترتها في هذه الغرفة ، ورغم ذلك فانها تصر على العمل لتكمل الشوار لأن الناس سوف يشاهدونه وهو يحمل على العربات الى منزل العريس ولذا فهي وأهلها يتباهون بالأشياء الكثيرة التي تشتريها يوما بعد يوم وتدفع ثمنها من أنفاسها المختنقة بأدخنة هذا المصنع.

ووصل بنا السائق الى المصنع الكائن على المشارف الشرقية لمدينة شبين الكوم وعبر بالمني باص وبنا البوابة فلم يشك في أحد من الأمن ولم يسألوني عن هويتي.

سرت مع باقي الفتيات حتى دخلنا في مبنى أربع أدوار أخبروني أن صالة عملهم في الدور الرابع وبمجرد دخولي من باب المبنى انتابتني نوبة كحة شدية رغم أن العمل لم يبدأ بعد .

وأثناء صعودي للسلم لم أستطع لمس الدرابزين الذي كان مغطى بمادة لزجة سوداء من بقايا المعسل كذلك درجات السلم جميعها والحوائط ، وعن هذه المواد تقول دكتورة " أمل سعد الدين " أستاذ صحة البيئة والطب الوقائي بالمركز القومي للبحوث العلمية:" ان اخطر ما يهدد العاملات في هذه المصانع الرطوبة العالية التي تسبب تراكم الفطريات على الحوائط والارضيات ومنها فطر (الاسبيراجلاز) الذي يفرز سموم لو تم استنشاقها يسبب اورام سرطانية في الكبد ويؤثر على المناعة ."



ووصلنا الى الصالة التي كنت أتوق لرؤيتها طوال الطريق ،وجدتها واسعة طويلة تسع ثلاثين طاولة أو اكثر على راس كل منها ميزان لوزن المعسل ولكني تبينت بعد ذلك أن الوزينة (الفتاة التي تقوم بوزن المعسل) الشاطرة تزن بيدها دون ميزان ، وعلى كل طاولة ما يقرب من عشر فتيات والقليل من الفتية الذين لا يتجاوز عددهم العشرة في كل صالة الى جانب مئات الفتيات بها .

أشارت احدى الأطفال بالصالة الى فتاة في العشرينات بانها هند مشرفة الصالة وعلى ان اخبرها اني جديدة، فذهبت وأخبرتها برغبتي في العمل فوافقت وأمرتني بالجلوس حتى يبدأ العمل .

جلست أراقب الفتيات أثناء توافدهن على الصالة أكثر من 200 فتاة منهم مالا يقل عن 15 طفلة لا تتعدى اعمارهن العشر سنوات .

وبدأ العمل ونادتني هند بعد أن تبادلت النظرات لي مع موظف اخر وتحدثا لدقائق ثم أخبرتني أنها سترسلني الى صالة أخرى جديدة بها فتيات مهذبات لان الوضع هنا لن يريحني وهناك أهدأ من هنا فالعمل هنا صعب كما أن رئيسة الصالة عنيفة وكثيرا ماتضرب وتسب البنات ،ومن داخلي كنت في غاية السعادة فقد وقعت في صالة "لبش " سوف يكون بها العديد من الأحداث طوال اليوم واريد أن اعرف ماذا يحدث هنا .

أجبتها بأن تتركني هنا اليوم بجانبها لأني ارتحت اليها واذا لم يعجبني الحال أذهب الى لصالة الأخرى بعد الغذاء، فوافقت على مضض وأجلستني على الطاولة الأخيرة مع فتيات أقل حدة ممن في مقدمة الصالة ولكنها ظلت تنظر لي بأسى وتذكرني بالصالة الأخرى التي تليق بي فقد كانت ترى أنني لست"وش بهدلة".

جلست بجوار الفتيات أتعلم تقفيل العبوات ورصها في الصندوق وكانت الفتيات يعملن بسرعة عجيبة وكانت الصغيرات حولنا كشغالات النحل فهن يمسحن الأرضية من المعسل المتساقط باستمرار دون توقف ومنهم من تحمل الينا المعسل الخام واخريات يمسحن الطاولات وهكذا لا يتوقفن عن العمل للمحة .

وكانت آية (11سنة) تعمل في لم الزبالة من الصالة وفرزها حيث تفصل ورق السوليفان عن الكارتون عن بقايا المعسل المتساقط بأرضية الصالة وقالت آية أنها أتت هنا بعد أن اخرجها ابوها من الصف الخامس وارسلها لتعمل في هذا المصنع لتساعده بأجرها فهو عامل بسيط لا يستطيع الانفاق عليها واخواتها



أما أميرة( 15 سنة) أو" زواوي" كما تطلق عليها البنات فطوال اليوم تضربها البنات الأكبر منها بقسوة وتلم زبالة وتفصلها وتنزل وتطلع رغم انها من ذوي الاعاقة بعد أن فقدت عينها اليمنى فتقول " أنا ماكنتش كدة انا كنت باشوف كويس لحد ما واحد راكب عجلة عليها لوج زجاج دخل فيا بلوح الزجاج في عيني صفاها ، بعدها سبت المدرسة وجيت اشتغل هنا"



كذلك كانت هناك سيدة (22) فتاة أخرى من ذوي الاعاقة عندها شلل أطفال لم تحتمل ريسة الصالة بطء حركتها في اللف أو التعليب فجعلوها تقوم بكنس الصالة ذهابا وايابا طيلة اليوم كما تنزل لجلب الاقفاص من المبنى الآخر كلما نفذت وتقول سيدة " أنا يتيمة الأم ومن فترة مات أبويا كمان وماعدش ليا حد أختي اتجوزتي وأصبحت انا وحيدة هاصرف منين لازم اشتغل واستحمل اي حاجة عشان أعيش".



أما ايمان (14 سنة ) فتقول "أنا خرجت من المدرسة بعد ما اتعقدت ، لاقيت كل البنات بتلبس كويس وانا هدومي مقطعة وقديمة ، وجيت اشتغلت علشان اجيب لنفسي لبس وابقة زيهم"



وبعد حوالي ربع ساعة جاء أحد الموظفين الكبار المسؤل عن العمال واخذ يمرر نظره في الصالة حتى توقفت عيناه عندي وسألني :" انتي جديدة؟".

فأجبته :"أيوة"

ثم نظر لهند وقال لها :" دي مش شكل هنا مخلياها هنا ليه معاهم؟".

فأجابته :" أنا قلت لها هاوديكي الصالة التانية وهي صممت تفضل هنا".

فالتفت الي وقال:" تعالي انا هاخذك حتة كويسة انتي مش هتسلكي هنا انتي مش شكلهم تتبهدلي"

فاضطررت آسفة أن أرضخ لأمره حتى لا أثير ريبة أحد في، وهنا صاحت نجوى بجواري "خدني معاها والنبي ياعم اسامة داانا مؤدبة والله وبنت ناس زيها اشمعنى هي" ، فابتسم اسامة ولم يلتفت اليها .

وذهبنا الى المبنى الآخر وصعدت الى الصالة وبالفعل وجدت بها أربعة طاولات فقط للمعسل وباقي الصالة يستخدم لانتاج ورق كرتون عبوات المعسل داخل المصنع حيث يقوم الرجال بتقطيعه ورصه ، وبالفعل كانت الصالة أهدأ من الأخرى بكثير فقد علمت بعد ذلك أن أقسى صالتين على البنات هما صالتي بشرى وناصرة التي كنت بها .

ووقفت أنا وأربعة فتيات أخريات على الطاولة منهم ثلاثة جدد مثلي وأخذت دنيا الوزينة القديمة تزن المعسل وتضعه لأسماء على ورق السوليفان حتى تلفه واقوم انا وعزة بالتعبئة داخل عبوات الكرتون التي تقفلها حسنات وترصها في الأقفاص "السبات" .

رغم أن الصالة لم تكن من صالات العمل الرئيسية المزدحمة بالعاملات الا انها كانت تضم خمسةأو ست فتيات صغيرات تتراوح أعمارهن بين 9- 12 عاما ضمن مايزيد عن ثلاثين فتاة بها فكنت أبادلهن الابتسامات من آن الى آخر ويبدو أنهن لم يتعودن على ذلك فبعد فترة وجيزة وجدت احداهن تأتي لي بمقعد حتى لا أتعب وضعته وذهبت تكمل عملها وحولي دائما كانت تحوم عفاف ذات الاحد عشر ربيعا لتمسح مايقع من التبغ على الأرض اوالطاولة ، لا تبتسم ولا تبكي ولكن تعمل في صمت وأنا أنظر اليها في أسى مثلما فعلت مع طفلة أخرى بالصالة لم تتجاوز العاشرة تجر عربة حديدية مليئة بكومة من رزم ورق الكارتون .

في صالتي الجديد " صالة الاسطى علي" _ فكل صالة تسمى على اسم رئيسها أو رئيستها_ جلست أعبئ المعسل كان من الحجم الأكبرحيث كانت العبوة 192.5 جم وكانت كل طاولة تقفل متوسط 10 صناديق في الساعةوتعمل الفتيات مايقرب من 9 ساعات (في مخالفة واضحة لقانون العمل المصري الذي ينص على أن ساعات العمل 7 ساعات يتخللها نصف ساعة راحة) أي أن كل 5 فتيات يعبئن 90 صندوق يوميا في كل صندوق 60 عبوة سعر العبوة 3.5 جنيها اي ما قيمته 18900 جنيه فنصيبي انا من التعبئة 3780 جنيه أتقاضى نظير تعبئتهم 15 جنيها !!!!! وهو ما يتفق مع ما أثبتته الاحصائيات أن معدل استهلاك المعسل يرتفع في مصر بصورة كبيرة فوفقا لتقرير تلقته لجنة الصحة بالبرلمان المصري في ديسمبر 2008 ، يقدر حجم ما يستهلكه رواد مقاهي القاهرة وحدها بحوالي 40مليون طن من المعسل سنويا.



بجواري على الطاولة كانت عزيزة(21) فتاة غير متعلمة تعمل هي الاخرى من أجل تجهيز نفسها فقد توفي والدها بعد أن ظل يعاني من سرطان المثانة طيلة 7 سنوات وهو لا يعلم انه سرطان لانه لم يذهب لطبيب لضيق ذات اليد وعن ذلك تقول عزيزة " أبويا كان بينزف دم كتير في البول لكن ماكنش فاكره سرطان كان بيقول دول شوية التهابات وهيروحوا وطالما قادر اقف على رجلي مالهومش لازمة الدكاترة " وحين اكتشف المرض كان على مشارف الموت وكان على عزيزة أن تكمل الجهاز حتى يتم زفافها لخطيبها المؤذن ،لآن اخوتها "صحتهم على قدهم ومش لاقيين شغل" على حد تعبيرها .

أما حسنات(16 سنة) فهي طالبة في الصف الثاني الثانوي الفني ورغم أن والدها مازال على قيد الحياة فهي تقول " أبويا فلاح بس ماعندناش أرض بيشتغل كدة اليوم بيومه ، كلنا ولاد ناس غلابة ، هنجيب منين ، انا ماقدرش اقعد كدة من غير شغل ولا فلوس لحد ما اخلص الدبلوم ، دا انا كان يجرا لي حاجة قلة القرش في ايد الواحدة وحش وحش اوي ".







واندمجت في العمل وأثناء قيامي بلف المعسل اذا بصوت ينادي من خلفي " يا مزة؟"

فلم الق بالا فاذا بها تنادي مرة أخرى وصاحبت نداءها بمحاولة لنزع الكرسي الذي أجلس عليه، فالتفت اليها : " أنا؟"

فأجابت :" هوا فيه مزة هنا قاعدة على الكرسي غيرك؟ ، هاتي الكرسي ده بتاعي ".

فأعطيتها المقعد وأنا أعلم أنه لا يخصها ولكني أثرت السلامة

وأكملت العمل وانا واقفة وحين اقتربت الساعة من الثانية عشر ونصف ظهرا كنت على وشك الانهيار فقد زاد الألم الذي بدأبصدري منذ بداية العمل حتى أحسست ان احدهم يمسك سكينا ويمزق رئتاي من الداخل واصبت بدوار وصداع شديدين ولاحظت عزة ألمي فأخبرتهم قائلة " شكلها تعبت ياعيني شوفوا وشها ؟!" فردت أسماء :" ماعلش كلنا بيحصلنا كدة أول أسبوع لكن بكرة تتعودي عالريحة وعالتعب" وهنا كنت على وشك أن أنفجر وأطلب الخروج من هذا المصنع دون رجعة ، وهنا تذكرت أنني لن استطيع الخروج الا مع الباصات في الخامسة ونصف واذا حاولت ربما اثير شكوكهم ويفتشوني فيجدوا الكاميرا وحينها لا أممن ماذا سيفعل بي فهذا المكان لم يستطع أحد دخوله حتي الباحثين الاكادميين بمركز البحوث لم يستطع الكثيرون منهم عمل رسائلهم العلمية عن هذا العالم وهذا ما حدث مع دكتورة "أمل سعد الدين " حيث تقول " أردت عمل بحث عن صحة العاملات في مصانع المعسل وذهبت الى بعض هذه المصانع ولكن المسؤلين عنها لم يسمحوا لي باجراء البحث أو حتى دخول المصنع " .



وعن صحة العاملات بالصالات تقول سعد الدين " ان الفتيات في الصالات معرضة للغازات والمواد الكيماوية الضارة التي تمتص عن طريق الجلد فتدخل الجسم وتحدث به أضراراشديدة "

وعن الاحتياطات التي كان يجب أن يأخذها المصنع في اعتباره تقول سعد الدين " يجب أن يكون هناك ماسكات خاصة بامتصاص الغازات واخرى خاصة بالاتربة كما يلزم توفير القفازات وافارول يلبس فوق ملابس الفتاة ويغسل بمغسلة في المصنع يوميا ، كما يجب ان يكون هناك دش للفتيات ليتخلصن من آثار المعسل ويزيلوا الاحماض عن اجسادهن بدلا من أخذها معهم الى المنزل "



وتضيف " وهناك أعمار يجب ان تتجنب هذا العمل وهن الفتيات المتزوجات حديثا ويوجد احتمال للحمل لان هذه الاحماض تعمل على تشوه الاجنة ، أما عن الاطفال حدث ولا حرج انهم في فترة تكون لخلاياهم ولا يجب ان يتعرضوا لذلك من الاساس حيث تكون الخلية في هذه المرحلة حساسة جدا ويمكن ان يتغير تركيب خلاياهم فيصابوا باورام سرطانية او تورث هذه الاوام للاجيال القادمة

تؤكد دكتورة أمل سعد الدين على اصحاب المصانع على ضرورة حماية العامل او العاملة وما يتناسب مع طبيعة المكان فلابد من ارتداء البوت والماسكات والافارول والقفازات الى جانب وجود الشفاطات بصورة كبيرة."



كانت الصناديق على طاولتي قد نفذت فارسلوني مع فتاة من الطاولة المجاورة لننزل ونحضر بعضا منها وبالمرة أغير جو الصالة .

عند باب الصالة وجدت نعيمة بانتظاري ووجدت فتى ممن يعملون بالصالة يقول لي " يامزة أنا عاوز اشتغل معاكي "

فنظرت له بغضب وتركته وهنا نصحتني احدى الفتيات " اشتميه او اضربيه علشان ما يضايقكيش تاني ، هنا ما يعرفوش النظرة دي"

ونزلنا أنا ونعيمة لنأتي بالأقفاص من مبنى آخر داخل المصنع ومررنا في طريقنا بالسخانات وهنا أدركت ماهيتها انها "المحرقة" في هذاالمكان حيث تتصاعد الأبخرة والغازات الساخنة من الآزانات السوداء حيث يخلط التبغ_ بعد فرمه في الفرامات_ مع العسل الاسود والمكونات الأخرى

وأخبرتني نعيمة أنها سبق وعملت في هذه السخانات بالأمس فتقول " ربنا يكون في عون البنات اللي شغالة في السخانات أنا عملت فيها يوم واحد وبعدها صعبت عليا نفسي وبكيت وقلت والله ماانا شغالة وصعبت على عم اسامة لما قلت له بدلني مع واحدة تانية انا تعبانة هاموت، فطلعني فوق مع البنات المؤدبة ، بعد ان كنت فوق في صالة حنان كانت بتهد حيلي طول النهار لم زبالة وكنس طلوع ونزول ، هو الحال هنا كدة اللي مش سريعة البنات يزعقولها ويشتموها والريسة على طول ماسكة العصاية تضرب البنات اللي مابتشتغلشي واللي صوتهم عالي ، بهدلة بهدلة يعني "



وعن هذه المرحلة من التصنيع تقول دكتورة "سعد الدين " :" في مرحلة السخانات فان شدة الحرارة يمكن أن تسبب للنساء اجهاد حراري من مظاهره عدم التركيز والاحساس بالاجهاد العام والصدمات الحرارية التي تشبه ضربة الشمس فتسبب الضربات الحرارية اغماءات متكررة وقد تؤدي الى الوفاة في بعض الاحيان ، كما أن الغازات المنبعثة أثناء صنع المعسل في السخانات تهيج الجهاز التنفسي و الغشاء المخاطي للجسم كله فتسبب التهابات العينين والانف كما يمكن حدوث حروق نتيجة الحرارة المرتفعة "



تنهدت نعيمة بالم وقالت " أنا مش جاهلة أنا معايا ثانوية أزهرية بس أبويا على قده ما قدرش يدخلني الجامعة ، أمي قالت لي اختاري اما انتي تقعدي او حد من اخواتك يقعد ، واخواتي لسة صغيرين في ابتدائي واعدادي ، يعني انا اخد كلية واخواتي يبقوا جهلة خالص ، قعدت، انتي لو مكاني تعملي ايه ؟ تضحي بنفسك ولا تظلمي اخواتك؟"

وتكمل نعيمة " احنا الأول ما كانش حالنا كدة كان كنا عايشين في بيت العيلة مع عمي لكن فجأة عمي قلب علينا مع انه كان طيب ، بعدها قعدنا في دار صغيرة وبقى حالنا على قدنا وبدأت حياتنا تبقة أصعب"

وعندما لمحت نعيمة في عيني تأثرا من أجلهاقالت " لأ دا انا احسن من غيري كثير ، البنات هنا عندهم مآسي بجد فيه ناس مش لاقية العيش الحاف بس هما مبيتكلموش ،عارفة الأول كنت باشتغل في مصنع شمع في طنطا كان الشمع ينزل على رجلي وهو سخن أبقة هاموت ، وأفضل طول الليل أعيط أهو هنا أرحم شوية عالأقل الواحدة جسمها ميتحرقش"



ثم مررنا على الفرامات التي تخرج منها كميات كبيرة من الرزاز والاتربة حيث يتم فرم نباتات التبغ الجافة بنية اللون لتؤخذ بعد ذلك الى السخانات ، وعن أمراض هذه المرحلة تقول دكتورة "سعد الدين " :" في مرحلة الفرم تؤثر الأتربة على الجهاز التنفسي خاصة أن فرم النباتات المجففة يصاحبها بعض الفطريات وتسبب هذه الفطريات حساسية صدر وتكيسات صدر وامراض صدرية مزمنة "



وصلنا الى صالة الأقفاص، أخذناها وخرجنا .

ذهبت مرة أخرى الى طاولتي وجلست أكمل مع زميلاتي الجدد ما بدأناه , واذا بنعيمة تأتي بمقعد لأجلس عليه حتى لا أتعب مجددا .

وجلست ولم تمر دقائق حتى وجدت نفس ا لصوت خلفي :" مزة انتي يا مزة ؟"

فأجبتها بضيق " عاوزة ايه؟"

_" الكرسي ده بتاع الوزينة بتاعتنا وانتي اخذتيه. قومي من عليه."

فأجبتها بقوة هذه المرة : " لأ الكرسي ده بتاعي انا ، نعيمة جيباه علشاني"

فأخذت تردد بعض الشتائم ولكنني لم ألتفت اليها



وجاء أحد الموظفين ليعتذر عن عدم وجود كراسي واعدا بأن يوفرها غد ثم أسر الينا قائلا " لو تعرفوا بنا ت حلوين زيكم كدة عاوزين يشتغلوا هاتوهم احنا محتاجين بنات كتيير"

وهنا علقت حسنات " رجالة كلهم عنيهم زايغة "

فاندهشت لعبارتها وسألتها عن السبب

فأجابت " ماسمعتهوش بيقول بنات حلوين شكلكم؟"

وهنا قاطعتها عزة " مش احسن مايقولك بنات وحشين زيكم "

واستمرينا في العمل حتى سمعنا صوت ارتطام شديد بالارض فاذا باحدى الفتيات على الطاولة المجاورة فقدت الوعي لفترة تزيد عن ال7 دقائق رغم محاولات مشرفة البنات لافاقتها وعندما سألت علمت انها عادة ما يغمى عليها ولا يعرفون السبب .

وشارفت الساعة على ثانية بعد الظهر ونحن لم نكمل حصتنا بعد وكانت كل الطاولات قد أنهت عملها وجاءت نعيمة كي تساعدنا حتى نخرج سويا للغذاء ، وانهينا الكمية ثم ذهبنا الى الحمام كي نغسل أيدينا من أثار المعسل وبالقرب من الحمام في آخر الصالة اذا بنفس الفتى يمسك بيدي ويقول يا مزة البنت دي بتشتمك : فنزعت يدي وسالت : انت مجنون ولا متخلف؟

وجريت من أمامه ونزنا السلالم وفي الطريق استوقفنا شاب أخر واشار الى نعيمة مخاطبا فتاة اخرى " أنا عاوز أمشي مع البنت دي" ، فأجابته الفتاة "نعيمة مخطوبة " فرد بكل وقاحة " خليها تسيب خطيبها وتمشي معايا"



فنزلت نعيمة معي وهي تجري " شوفي والنبي قصير ومعفن وفاكر نفسه أملة ، عاوزني اسيب خطيبي اللي برقبته قمر طول بعرض واحلى مني كمان "

وسالتني " معاكي غذائك؟"

فأجبت :" لا هشتري .. فيه كانتين؟"

_ :" لا فيه الخرم اللي في السور هناك ده لو عرفتي تمدي ايدك"

ونظرت فاذا بفتحتين صغيرتين بحجم قالبي الطوب في سور المصنع وعلى كل منهما تقف مجموعة كبيرة من البنات والشباب مادين أيديهم بجنيهات قليلة الي البائعة القابعة بالخارج لتعطيهم ساندوتشات الفول والطعمية واكياس عصير التمرهندي ومدت نعيمة يدها بربع جنيه وأعطته لأسماء القريبة من فتحة السور لتشتري لها كيس تمر هندي وأتت أسماء بالكيس وتعرفت اليها فهي فتاة في الرابعة عشر من عمرها تقول اسماء " انا هنا من اربع سنوات ، كان عمري 10 سنوات طلعت من المدرسة من ثالثة ابتدائي وجيت اشتغلت هنا، كنت الاول باكنس وامسح واشيل زبالة دلوقتي بقيت وزينة "

وعن عدم استكمال تعليها قالت اسم :" هاعمل ايه بالتعليم فيه واحدة جارتنا واخدة كلية واتجوزت وخلفت وقاعدة من غير شغل وحالتها بؤس خالص ، انا كدة معايا فلوس وباخد 90جنيه في الاسبوع باجيب اللي نفسي فيه ، وأدي أمي الباقي تصرف عالدار."

وذهبنا الى مكان تصلي فيه البنات و يغيرن ملابسهم ولبعضهن صناديق بها اقفال حتى لا يسرق أحد ملابسهن فقد سرقت من احداهن بلوزة بالامس ولم تعثر عليها وهناك قابلت هبة (15 سنة) فقد تسربت من المدرسة في الصف الثاني الاعدادي وعن سبب ممارستها لهذا العمل الشاق على طفلة مثلها أجابت " باشتغل علشان يبقة معايا فلوس هاشتغل ليه يعني وباضطر استحمل الريسة حنان اللي بتبهدلني ، الاول كنت باعيط كتير وكنت اروح ادعي عليها واقول يارب أروح بكرة الاقيها اتقلبت وتريحنا منها ، وساعات كنت أحلم بيها من خوفي منها"



أما سمر (11 سنة) وهي طالبة في الصف السادس الابتدائي فتقول " أنا باشتغل في صالة بشرى اليوم الي ماروحش فيه المدرسة اجي المصنع وبادي الفلوس لأبويا أبويا خفير واحنا اربع اخوات مرتبه مابيكفيناش عيش ومخلل لازم أساعده عالأقل أجيب لقمتي"



كل هذه الحكايات أنستني الصالة وكانت الساعة قد اصبحت الثالثة وعشر دقائق عصرا فصعدنا بسرعة ودخلنا الصالة وتحملنا ماسمعناه من شتائم وشخط وأكملنا عملنا حتى الساعة الخامسة مساءا فخرجنا واصطحبتني نعيمة حتى تبدل ملابسها هناك عند الصناديق مع احدى صديقاتها وهناك وجدت البنات من السخانات يعصرن عبايات العمل وينشرنها على السور حتى الصباح ليلبسنها في اليوم التالي.

خرجنا نستنشق بعض الهواء حتى تأتي الأتوبيسات لتصطحب الفتيات الى قراها وفي كل باص سائق ومقاول وهو الشخص الذي يقوم بجمع الفتيات للمصنع من القرى النائية ويصحبهن في الذهاب والعودة كل يوم.

وجلسنا على احد جذوع الشجر المرمية على الارض وهنا جاءت عفاف بعد أن بدلت ملابسها المتسخة ووقفت بجانبي لتبادني الابتسامة التي خافت أن تردني اياها في الصالة فجلست بجانبي صامتة مبتسمة وحين سألتها قالت " اسمي عفاف محمد( 11 سنة ) في الصف السادس الابتدائي ، باشتغل في المصنع لما اكون غايبة من المدرسة زي النهاردة و أيام الجمعة علشان اليوم فيها ب 25 جنيه و بتكون معايا اختي الكبيرة في ثانية ثانوي مابتخليش حد يضربني"

وفي طريقنا الى البوابة رأيت الفتاة التي فقدت وعيها بالداخل فسالتها عن الأمر فقالت "ما اعرفشى جنبي بيوجعني وتجيلي الحالة دي بس بافوق بعدها واكمل شغل"



وخارج البوابة كانت هناك سيدة تبيع أكياس شرائح البطاطس ولكن الفتيات كن يخرجن واحدة تلو الاخرى تحت رقابة اثنتين من المشرفات تحمل احداهما عصا خشب كبيرة وتحمل الاخرى ايد مقشة مكسورة وحين هممت بالخروج لشراء اي شئ اتناوله اخبروني ان انتظر حتى تدخل الفتاة التي بالباب وعلمت من احدى الفتيات انهما تفتشان البنات الاتي يخرجن تفتيشا ذاتيا فخفت ان يكشف أمر الكاميرا ويكشف أمري معها ، فانتظرت حتى أتى أحد المني باصات الخاصة بفتيات قريتي وركبته مع فتيات القرية وعلى عكس الصباح كانت الفتيات كأنهن خرجن من سجن مظلم الى عالم من الحرية والانطلاق، فنجية تجلس الى جانب عم شعبان السائق تحكي معه وتضحك حينا وتستدير لتشارك الفتيات بالخلف السخرية من بشري ريسة الصالة حينا آخر وايمان ترفض الجلوس على مقعد وتجلس بالباب لتمد قدميها في الهواء وهي تغني.



وعن السلامة في مصانع التبغ يقول سكرتير السلامة والصحة المهنية بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالقاهرة علي عامر" :" هناك مشكلة في السلامة والصحة المهنية في المصانع المصرية بسبب قلة عدد المفتشين بالصحة في وزارة القوة العاملة ، فمن المفروض أن يكون هناك مرور دوري على مصانع التبغ للتأكد من وجود شفاطات كبيرة وكمامات للعاملات ولكن أزمة عدم تعيين أطباء ومهندسي سلامة وصحة مهنية جعل أصحاب المصانع لا يلتزمون بشروط السلامة والصحة المهنية فهم لا يريدوا ان يدفعوا مزيد من الاموال ، والحكومة تتبنى نهج عدم التعيين بالجهاز الاداري للدولة ومن يخرج معاش في الصحة المهنية لا يعين غيره فخلال ثلاثة او اربعة اعوام لن يكون هناك مفتشي صحة مهنية فالأن مثلا البحيرة بها 1000 مصنع واربعة مفتشين فكيف سيكون الحال داخل هذه المصانع "

ويضيف عامر:" ظروف الحياة الصعبة وانخفاض مستوى المعيشة بتضطر الناس تطلع أطفالها للعمل واحد بيقبض 200 جنيه فكيف يعيش هو واسرته ؟ لذا يجب أن نوفر لهذه العمالة الحماية الكافية حتى يلتزم أصحاب المصانع بقانون 12 لعام 2003 وهو قانون العمل الموحد ولن يتم ذلك الا اذا تم تعيين مزيد من مفتشي السلامة والصحة المهنية فعندما يجد صاحب المصنع لجنة تعمل له محضر كل أسبوع وليس كل عام سيضطر يلتزم ."



وعن المخاطر المعرض لها العاملات في مصانع التبغ يقول عامر:" أخطر ما يهدد العاملين في مصنع المعسل أمراض الرئة والأمراض الصدرية والفشل الكلوي واخطرها الدرن الرئوي "



منذ ما يقارب المئة عام، قلبت حركة عمالية نشأت بين عاملات المصانع المجتمع اللبناني رأساً على عقب. أصبحت كلمة (بنت المصنع) تعني الاستقلال والكفاح من أجل التغيير.

ففي عام 1914، أعلنت عاملات التبغ في بيروت إضرابا عاماً وقد حقّقن بفعله 15 شهراً من الأجور المدفوعة في السنة الواحدة، كما جعلن أيام العطل الدينية مدفوعة أيضاً وحققّن مكاسب على صعيد تحسين شروط العمل وزيادة الرعاية الصحية فمتى تحصل عاملات التبغ في مصرعلى حقوقهن؟



2

مشكووووووووووووووووووور

مشكووووووووووووووور

سلمت يمنــــــــاك
مجهــــــــود رائـــــــع